بيئتنا بيئتنا البوابة البيئية الرسمية لدولة الكويت

نفايات البلاستيك

نفايات البلاستيك

لا تتحلل بيولوجيا وتستمر لفترات طويلة

نفايات البلاستيك

عبدالوهاب السيد

تكون المواد البلاستيكية أحد أهم المنتجات البشرية في التاريخ دون أي مبالغة .. بل وأصبح البلاستيك المادة الصناعية الرئيسية في عصرنا الحديث .. حتى وصل معدل إنتاج العالم من البلاستيك عام 2000 لحوالي مائة مليون طن/ سنة .. فأصبح كل ما حولنا من منتجات لا يخلو من المواد البلاستيكية بدءا من أزرار قميصك .. وانتهاء بالمباني العملاقة الشاهقة .. والسبب في انتشار المنتجات البلاستيكية بهذه الصورة الكبيرة هو طبيعتها .. فمعظم المواد البلاستيكية لا تصدأ .. ولا تتآكل .. ولا تتحلل بيولوجيا وتبقى في البيئة لفترات طويلة دون أن تتعرض للتحلل إلا بنسبة بسيطة جدا .. كما أنها لا تتأثر بالسيول والأمطار .. ومن الممكن تصنيعها وتشكيلها بصور متنوعة لا حصر لها .. والأهم من ذلك كله كلفتها الرخيصة.

اكتشاف البلاستيك

والواقع أن هناك قصة طريفة قد يجهلها الكثيرون وراء اكتشاف مادة البلاستيك .. فقد كان أحد الكيميائيين المبتدئين يعمل في مختبره المتواضع .. عندما ارتطمت يده بزجاجة من زجاجات المواد الكيميائية وانسكبت محتويات الزجاجة في وعاء الحليب الذي يشرب منه قطه .. فرفع الكيميائي الوعاء ووضعه فوق المائدة حتى لا يصاب القط بضرر .. وذهب ليواصل عمله .. وفيما بعد .. عندما أراد أن يسكب الحليب الملوث .. فوجئ بالحليب وقد تحول إلى مادة لزجة متماسكة أثارت انتباهه !! .. فراح يدرسها في اهتمام حتى توصل إلى مادة (البلاستيك) التي تطورت صناعتها كثيرا مع مرور الأيام بطبيعة الحال حتى أصبح يدخل في تركيبها البترول كمادة أولية !!.

ويرتبط استخدام البلاستيك في عقول الناس عادة بالأكياس البلاستيكية المستخدمة في المحلات التجارية .. حيث تم تصنيع النايلون (الاسم التجاري لبوليمر البلاستيك) لأول مرة عام 1937.. وتطورت الصناعة مع مرور الأيام ليصبح هناك  نوعان من الأكياس البلاستيكية:

- أكياس البولي ايثيلين عالية الكثافة (High Density Polyethylene) وهي الأكياس الرقيقة خفيفة الوزن المسوقة في الدكاكين والأسواق.

- أكياس البولي إيثلين منخفض الكثافة (Low Density Polyethylene) وهي الأكياس السميكة المستعملة عادة لتغليف المنتجات التجارية وهي الأعلى جودة في محلات الألبسة ذات العلامات التجارية.

 

 الآثار البيئية

أما الآثار البيئية المترتبة على استخدام البلاستيك فربما أولها وأبرزها - وليس أخطرها- هو تلويث الأماكن المفتوحة .. وهذا ما يراه الناس غالبا في الأماكن العامة في الكويت والكثير من الدول .. فوزن أكياس البلاستيك الخفيف مع الاستهلاك الزائد لها هو أهم عوامل التلوث داخل المدن وخارجها .. وبل وامتدت مشاكل أكياس البلاستيك إلى شاطئ البحر وداخله .. حيث أنها تسبب الضرر للحيوانات والنباتات البحرية .. بل وتشير آخر الإحصائيات أن حوالي 100 ألف حيوان بحري يموت سنويا نتيجة ابتلاع أكياس البلاستيك .. أما النباتات فيقل تبادل الغازات عندها نتيجة غطائها بالأكياس مما يتسبب أيضا بموتها .. وعلاج مشكلة أكياس البلاستيك يبدأ من تقليص الاستعمال وهذا ما تفعله الدول المتقدمة في المجالات البيئية .. كما يعتبر إعادة التدوير أيضا أحد الحلول المطروحة دائما للتخلص من نفايات أكياس البلاستيك إلا أنه حل غير فعال حاليا لأسباب واعتبارات كثيرة سنتطرق لذكرها. 

 

تخفيف آثار المشكلة في بعض الدول

وتذهب دول أخرى كثيرة إلى فرض الضريبة على الأكياس البلاستيكية .. حيث يدفع المستهلك ضريبة عن كل كيس يأخذه في المحلات التجارية لتتحول أموال الضريبة إلى صندوق خاص بعلاج مشاكل الأكياس البلاستيكية .. ففي ايرلندا - التي طبقت هذه الضريبة - يدفع كل مستهلك مبلغ 0.15 دولار عن كل كيس .. وكانت نتيجة تلك الضريبة أن تقلص استعمال أكياس البلاستيك في ايرلندا بنسبة 90 % بالإضافة إلى 9.6 ملايين دولار تجمعت في الصندوق .. وهي نتيجة رائعة بكل المقاييس .. في عموم دول أوروبا وأجزاء من الولايات المتحدة الأميركية فيغلب النشاط التطوعي على تقليص استخدام البلاستيك .. إذ تقوم شبكات التسويق تطوعيا بتقليص استعمال الأكياس بواسطة طلب دفع ثمنها أو تحديد عددها .

أما في (الكويت) .. فلا توجد حاليا مع الأسف أي قوانين واضحة بشأن التعامل مع الأكياس البلاستيكية أو حتى نفايات البلاستيك بشكل عام .. إذ يتم التخلص منها عادة في حفر الردم التابعة لبلدية الكويت .. وقد وصلت كمية النفايات البلاستيكية بشكل عام والمتولدة بدولة الكويت لحوالي 144 ألف طن/ سنة.

وفي دول أخرى تم منع توزيع الأكياس البلاستيكية منعا شاملا في جميع مراكز التسوق والمحلات التجارية .. ولم يكن هذا في الدول المتقدمة فحسب .. بل حتى في بعض دول العالم الثالث كالهند مثلا .. حيث منعت السلطات في مدينتي بومباي ودلهي استعمال أكياس البلاستيك لمنع التلوث ولتفادي سد شبكة المجاري .. وفي معظم دول العالم لم يكن التعامل مع أكياس البلاستيك وفقا للقانون فحسب .. بل بدأ الأمر بواسطة نشر الوعي البيئي والتوضيح لعامة الناس عن الأضرار البيئية المترتبة على استهلاك أكياس البلاستيك .. فقد قامت سلطات هونغ كونغ  - والتي تعاني من نقص شديد في مواقع ردم النفايات - بحملة توعية بيئية مكثفة في جميع وسائل الإعلام .. إلى جانب فرض بعض القوانين كمنع توزيع الأكياس في الدكاكين إلى جانب نصب أوعية لجمع الأكياس هدفا بإعادة تدويرها.

أسباب عدم وجود عدد كافي من مصانع تدوير نفايات البلاستيك

وقد يتساءل البعض عن الأسباب المتعلقة بعدم وجود العدد الكافي من المصانع في مختلف دول العالم التي تقوم بتدوير نفايات البلاستيك .. فالواقع أن عملية تدوير نفايات البلاستيك تتطلب في أغلب الأحيان درجات حرارة عالية جدا .. لذا فغالبا ما يصاحب العملية انبعاث كميات كبيرة جدا من الغازات الخطرة للهواء الخارجي  تتولد من الإضافات المتعددة المستخدمة في عمليات تصنيع البلاستيك نفسه .. كالمواد الملدّنة .. التي تساعد على عملية البلمرة .. وزيت البارافين الذي يمنع التصاق البلاستيك في معدات التصنيع .. والمواد المضادة للحريق .. وقد يصل عدد العناصر المضافة إلى أكثر من 300 صنف معظمها من المواد الثقيلة !! .. أي أن عملية إعادة تدوير البلاستيك بشكل عام تتطلب تكنولوجيا فائقة الجودة للتحكم في انبعاثات الهواء .. بالإضافة إلى هذا فإن عملية فصل أنواع البلاستيك إلى أنوعها الأصلية قبل التدوير من أهم العوامل التي تعيق عملية تصنيع وتحويل نفايات البلاستيك لأنواعها ومكوناتها الأساسية  .. لذا قامت بعض الدول مثل انجلترا بوضع أختام أو علامات مميزة على الزجاجات البلاستيكية تحدد نوعية البلاستيك المصنعة منها .. حيث يمكن بعدها فصلها بسهولة .. فعملية الفصل الدقيق لأنواع البلاستيك سوف تزيد من سعر طن البلاستيك إلى الضعف تقريبا عن سعر طن مخلوط البلاستيك .. وما سبق ذكره يجعل من صناعة تدوير البلاستيك من الصناعات القليلة نسبيا .. بل ولا تتعدى نسبة التدوير لهذه النوعية من النفايات أكثر من 1 % فقط!! .. ويتم تدوير نفايات البلاستيك عادة لصناعة خزانات المياه والقوارب .. أو لإنتاج بعض أنواع زيوت الوقود المستخدمة في إنتاج الطاقة .. أما في الكويت فلا توجد حاليا أي شركات تعمل في مجال تدوير البلاستيك .. عدا قيام بعض الشركات العاملة في مجال إنتاج البلاستيك بإعادة تدوير كميات قليلة من نفاياتها داخل المصنع. 

 

المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 88