بيئتنا بيئتنا البوابة البيئية الرسمية لدولة الكويت

مياه الكويت

مياه الكويت

مياه الكويت .. من " 50 تشالة " إلى سبيل بن دعيج

عنود محمد القبندي

الماء.. أكسير الحياة على كوكبنا، كوكب الأرض، فهو أساس تواجد جميع الكائنات الحية بما فيها الإنسان، فمنذ قيام البشرية قام الإنسان بالبحث عن مصادر المياه الموجودة على الأرض والتي تكون إما مياه سطحية تمثلت في مياه الأنهار والبحيرات، أو مياه باطنية مثل الينابيع والآبار والعيون.

تتميز دولة الكويت بأنها بلد صحراوي قاحل وجاف أي لا تتوفر فيه جميع مصادر المياه السابق ذكرها، فكيف عاش آباؤنا مع مثل هذه الصحراء القاحلة؟

عانى الكويتيون في السابق في العثور على مصادر المياه، فقد اعتمد السكان قديما على بعض المصادر الباطنية للمياه والتي تمثلت بالآبار، وكان يشرب منها سكان مدينة الكويت من آبار متواجدة داخل المدينة فهي كانت تحوي بعض الآبار القريبة من السطح، وهي في الغالب من الماء قليل الملوحة المعروف عامياً بالمروق تفريقاً عن الأنواع الأخرى، ونظرا للاستخدام المتزايد للآبار مع مرور الزمن والاستهلاك والزيادة في تعداد سكان المدنية قلت كمية المياه الموجودة في المدينة قديما وزادت نسبة الملوحة مما أدى بحثهم عن مصادر أخرى خارج المدينة أي أن المعاناة هنا كانت بسبب قلتها وشحها بالإضافة إلى عذوبتها، الأمر الذي جعلهم يبحثون عن مصدر للمياه غيره تمثل بالأمطار.

الأمطـــــار

كانت مياه الأمطار قليلة في الكويت آن ذاك ولكنها تعتبر مصدرا لزيادة منسوب مياه الآبار في الوقت السابق حيث اعتبرت أحد مصادر المياه في الكويت قديما، وفي بعض الأوقات كانت تنقطع مياه الأمطار لفترة طويلة من الزمن حيث يقوم الكويتيون بصلاة الاستسقاء في المساجد طالبين من الله عز وجل بأن يمن عليهم بنعمة الأمطار.

وبعدما كانت تتجمع مياه الأمطار كان الناس في السابق يستغلون مكان وجودها بعد سقوطها، حيث كان الكويتيون في السابق يستغلون مياه الأمطار فقد كانوا يستخدمون قماشاً من نوع الطربال لجمع مياه الأمطار التي تهطل على منازلهم وعلى السطح كان يوضع «الشتر»، كما كانوا يقومون ببناء البرك في منازلهم لحفظ مياه الأمطار وتخزينها للاستخدام، كذلك قاموا ببناء السدود الرملية وتشييد البرك في بعض الشعاب والوديان للاحتفاظ بمياه الإمطار أطول فترة ممكنة، أيضا كانوا يستغلون مياه الأمطار المتجمعة في الخباري الثمايل كمصدر لمياه الشرب، فقد كانوا يجمعون المياه من هذه الخباري ويجلبونها إلى بيوتهم لشربها فالبعض كالحمّارة كانوا يجلبون الماء ويبيعونها، وخاصة باعة الماء، بالإضافة إلى استخدام الأوعية الخشبية والفخارية لجمع مياه الإمطار وحفظها لوقت الحاجة، كما كانت النساء سابقا بعضهن يخرجن إلى أماكن تجمع الخباري حيث يأخذن معهن الملابس التي يردن غسلها وأيضا يأخذن معهن بعض الشاي لكي يحتسينه وعندما يتجمعن تقوم كل واحدة بأخذ كمية المياه المناسبة لها لغسل الملابس التي معها ومن ثم يضعنها على «بوتغاز» لتسخين هذه المياه ومن ثم يضعنها في وعاء يغسلن به الملابس بعدها يقمن بنشر هذه الملابس على بعض الصخور الموجودة ويجلسن لوقت قصير يأخذن قسطا من الراحة يحتسين الشاي ويتبادلن الحوار وبعدها تقوم كل واحد بأخذ ملابسها بعد أن جفت ويعدن إلى بيوتهن. ( المصدر : الحاجة أن ناصر الزعابي ).

معاناة توفير المياه

فكر الكويتيون بطريقة أخرى لجلب المياه غير مياه الأمطار الغير متوفرة طوال العام، فقد لجأ بعض الأهالي إلى جزيرة فيلكا لتوفير المياه والآبار الجوفية في تلك الجزيرة، ثم فكر الكويتيون في جلب الماء من شط العرب لسد النقص في المياه فكانت السفينة «التشالة» تذهب لملء الماء من هناك وكان في عام 1908 وفي فترة وجيزة أصبح هناك ما لا يقل عن 20 سفينة تخصصت في نقل الماء من وإلى الكويت وكثر عدد السفن التي تجلب الماء من شط العرب حتى غدت 50 سفينة وكان هذا في العام 1910. وقد ظل هكذا الحال إلى عام 1911 والتي حدث فيها أزمة المياه، وقد استشعر الشيخ مبارك الصباح - رحمه الله - بالمشكلة الكبيرة القادمة والتي تهدد الكويتيون. حيث فكر بفكرتين والتي تمثلتا في حفر آبار مياه جوفية والأخرى إنشاء ماكينة لتحلية مياه البحر، ولكن كانت هناك العديد من الصعوبات التي عطلت البدء بمثل هذا المشروع كعدم توفر المال بسبب ظروف الحرب العالمية الأولى، وبدأت العمل في عام 1919 وأنتجت ما يعادل 4800 غالون من الماء العذب بعدها توقفت، وفي عهد الشيخ أحمد الجابر الصباح - رحمه الله - اتفق على حفر مزيد من الآبار في عام 1927 ولكن جميع المحاولات ذهبت سدى لعدم وجود مياه جوفية في المنطقة التي تم الحفر بها. وفي عام 1940 تم تأسيس شركة ماء الكويت وعلى الرغم من المعاناة وغلاء الماء فقد استمرت شركة ماء الكويت حتى عام 1948 أنشأت خلالها ثلاث برك لتخزين الماء لبيعه للأهالي.

وفي عهد الشيخ عبدالله السالم الصباح أنشئت محطة لتحلية المياه في الأحمدي 1950، وفي عام 1953 أنشئت محطة اكبر في مدينة الكويت وأنتجت ما يقارب مليون غالون من الماء العذب، وبفضل جهود الشيخ عبدالله السالم ومن سبقه استطاعوا أن يجدوا حلا لازمة المياه التي طالما عانى سكان الكويت منها حتى وصلنا الآن إلى ما نصبو إليه بفضل جهود السالفين وعطائهم المستمر.

سبيل ابن دعيج

عملية توفير المياه في السابق من أصعب المهام.. إذ يظن الناس بفتح حنفية يغدق الماء عليك. في السابق وفي القيظ أي الصيف يرتفع سعر الماء فيصل سعر 4 غالونات ماء إلى روبية.. وهذا مبلغ كبير إذ قورن بشح الماء والنقود آنذاك. سبيل ابن دعيج (عبدالعزيز أحمد الدعيج) عبارة عن زيرين من الماء الواحد يسمى باللهجة الكويتية حلب (بكسر الحاء)، وكان يقبل الناس في زمن وسنوات 1920 - 1930 على الشرب من حب بن دعيج أو سبيل ابن دعيج.

المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 117