بيئتنا بيئتنا البوابة البيئية الرسمية لدولة الكويت

لقاء مع د. محمد سمير مسعود

في مقابلة أجرتها " بيئتنا " مع المستشار بالهيئة العامة للبيئة د. محمد سمير مسعود :

الكويت ليس بمنأى عن حدوث الزلازل!

عانت البشرية منذ القدم الكثير من الدمار والخراب بسبب الآثار التي تحدثها الزلازل، ومع تزايد أعداد السكان في العالم بشكل كبير والتوسع العمراني، تتزايد أهمية دراسة الوضع الزلزالي لمناطق العالم، وتأهيل المناطق المأهولة للتعايش مع الزلازل عند حدوثها. ونتيجة لمعدلات التنمية التي حدثت بسبب اكتشاف النفط واستخراجه في الكويت ودول الخليج بشكل عام، وما صاحبه من تطور هائل في البنية الاقتصادية والاجتماعية بالمنطقة، كان هناك مردود سلبي على البيئة وعلى الأرض، مما يجعل حدوث الزلازل أمرا محتملا نتيجة استخراج النفط أو ضخ السوائل في باطن الأرض. وفي هذه المقابلة التي أجرتها «بيئتنا» مع الدكتور محمد سمير مسعود، سنتعرف الى الأسباب المؤدية لحدوث الزلازل، وتاريخ الزلازل الكبرى في العالم، وعن إمكانية حدوث زلزال في الكويت.

هل يمكن وصف طبقات الأرض وما علاقتها بحدوث الزلازل؟ د. محمد سمير مسعود

من المعلوم أن الكرة الأرضية عبارة عن ألواح متقاربة تتحرك مع بعضها البعض، وإذا تباعد لوح عن الثاني فمعنى هذا أن اللوح سيضغط على لوح آخر، فينتج عن ذلك الحيود هذا الحيود هو نتيجة البراكين التي يصل ارتفاع بعضها الى 4000 آلاف متر عن سطح البحر، وكما أن هذه المناطق التي فيها تقابل أو تباعد هي الحدود التي تحدث فيها الزلازل، ومن المعلوم أن أحزمة الزلازل في العالم تنطبق على الحدود بين الألواح، وتلك الحدود الواقعة بين الألواح هي التي يحدث فيها النشاط، وبالتالي فإن منطقة الأطراف مثل مناطق الجزر اليابانية التي تكونت نتيجة لالتقاء الألواح.

إذن التقاء الألواح نتج عنه تكوين هذه الجزر، وماذا عن الطوفان الذي ينتج عن الزلازل؟

أول طوفان سجل في التاريخ هو طوفان سيدنا نوح عليه السلام، وهو الأقوى من نوعه، حيث حدث في منطقة البحر الأبيض المتوسط وبالتحديد في تركيا ويلي طوفان سيدنا نوح «كما سجل في التاريخ» الطوفان الذي دمر الشام ومصر وفلسطين حيث كان موقعه جنوب إيطاليا وهو نتيجة زلزال مشهور وذلك في عام 1201م وكانت قوته ثماني درجات على مقياس ريختر وبلغ عدد القتلى حوالي مليون ومائة ألف قتيل، ويقال إن مدينة القدس في هذا الزلزال أبيدت عن بكرة أبيها حيث قتل فيها مائة ألف نسمة ودمر كل شيء فيماعدا الأماكن المقدسة وهذا ما تكرر في زلزال أندونيسيا.

وهناك زلزال آخر حدث في الصين عام 1976 م وقتل فيه حوالي 600 ألف نسمة، ولكن الزلزال الذي حدث في منطقة المحيط الهادي يعتبر الزلزال المدمر الثالث بعد زلزال الذي نتج عنه طوفان سيدنا نوح عليه السلام، ومن الواضح أن منطقة المحيط الهادي كثيرا ما يحدث فيها الطوفان.

وماذا عن الأسباب الأخرى التي تسبب حدوث الزلازل وبخاصة الزلزال الذي أدى الى حدوث أمواج التسونامي نهاية العام الماضي؟

طاقة هائلة تتكون وتتراكم في باطن الأرض، هذه الطاقة تنطلق عند حدوث أي نقطة ضعف أو كسر ولذلك هي تحدث مع حدوث صدوع أو كسر في طبقة الأرض.

ولقد ذكر القرآن الكريم ذلك حيث قال تعالى { والأرض ذات الصدع }. ومعنى الصدع وهو الانكسار في الأرض الذي يجعل الطاقة تخرج نتيجة للضغط الهائل مع مر السنين، والطوفان هو نتيجة انهيار هائل حيث أن الصدع يحدث نتيجة إزاحة للكتلة الصخرية فترتفع كتلة صخرية أو تنزل لأسفل أو تحدث الحركتان معاً ويحدث انهيار وتنسحب المياه ولذلك يسبق الفيضان الهائل جزر وتحدث إزاحة مرة أخرى للمياه وتتولد طاقة كبيرة نتيجة الموجات الزلزالية هذه الطاقة تدخل في الأمواج وتحرك الأمواج بسرعة كبيرة تصل سرعتها في المناطق العريضة الى 500 كيلومتر في الساعة وتضرب الساحل مع قوة سرعة الأمواج والضغط على اليابس تنتج أمواج عالية جداً تدمر كل شيء أمامها وبعد أن تكتسح هذه الأمواج العملاقة كل ما يواجهها تتبدد الطاقة وينحسر البحر ويعود لطبيعته.

أما في الزلزال الذي حدث مؤخرا فلم يحدث تحذير من مركز الانذار وربما يكون قد رصد وقوع الزلزال ولكن العاملين في هذا المركز حجبوا المعلومات ومن المحتمل أن المركز لم يستطع رصد الزلزال لوقوعه في البحر أو أنه قد أبلغ الجهات بذلك ولكن لم تصل المعلومات لجميع الجهات ولذلك حتى الحكومة الأمريكية فوجئت بهذا الزلزال.

ماذا عن آثار هذا الزلزال ولاسيما من الناحية البيئية؟

وقع هذا الزلزال في منطقة فقيرة جدا وغير مهيأة لمواجهة الزلازل أو الحد من الخسائر، والبيوت مبنية من «طين» ولذلك انهارت تلك البيوت الضعيفة، كما أن هناك أشياء أخرى تؤثر مثل اشتعال النيران وانفجار أنابيب الغاز وهذا هو الشق الثاني من الآثار البيئية، ومن المعلوم أن الدول المتقدمة كاليابان وأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية وضعوا لوائح وطالبوا باتباعها وهذه اللوائح خاصة بوجود ميزات خاصة للمباني حتى يكون هناك احتياطات من الزلازل.

هل الكويت معرضة للزلازل، وما المطلوب لمواجهتها إذا كان الجواب بنعم؟

طالبت بعد الزلزال الأخير الذي حدث في إيران أن تطبق هذه اللوائح في دولة الكويت لأن الكويت ليست بعيدة من الحدود القريبة من الزلازل وطالبت الجهات المعنية بالتدخل في بناء البيوت بأن تكون على صخور صلبة كذلك مواد البناء ان تحتوى على أشياء تقاوم حدوث الزلازل، وهناك ترتيبات عالمية بذلك ولو نظرنا الى الدول النامية لوجدنا أن الزلازل تصيبها بخسائر كبيرة في الأرواح نتيجة عدم لاستعداد التام وعدم وجود خطط طوارئ للحرائق والمطلوب أن تكون هناك أنابيب غاز أتوماتيكية تمنع حدوث انفجار في حدوث أي خطر لأن الحرائق التي تعقب الزلزال تكون أكثر خطورة على حياة الناس من الزلزال نفسه، ولذلك فإن الصين أعدت خطة للطوارئ وقامت بتدريب المواطنين على تنبؤ الزلازل ومن المعلوم أن هناك ظواهر كثيرة تسبق حدوث الزلزال كما أن هناك ايضا دراسات أعدت لذلك.

هل هناك مخاطر أخرى تنتج جراء الزلزال؟

هناك السدود التي تؤدي لكوارث هائلة حيث إن المياه المحتجزة خلف السد تكون بكميات كبيرة وعند انهيار السد تتحول الى طوفان، ولذلك كان من الضروري الاهتمام ببناء السدود ونحن نذكر السد الذي انهار في الصين وأدى لمقتل حوالي 100 ألف شخص ودمر ما حوله من بيوت وغيرها.

هل المياه التي يحدثها الطوفان تؤثر على الرقعة الزراعية؟

من المعلوم أن مياه الطوفان تهدم كل شيء وتحصد ما أمامها وهناك أيضا آثار بيئية تنتج من الطوفان حيث أن هناك أشخاص قتلى وجرحى وأناس يصعب الوصول إليهم مما يتسبب في حدوث أوباء وأمراض معدية وخطيرة ولذلك فإن لابد من عمل الاسعافات اللازمة في أقل وقت ممكن للحد من هذه الأوبئة، والجدير ذكره أنه بعد حدوث الزلزال يتعاقب توابع له أو حدوث زلزال أصغر منه ولذلك فإنه بعد حدوث الزلزال وما يخلفه من دمار هائل يصعب أن تحدد الاثار التي خلفه من دمار ومن حالة الذعر الهائل والتخبط وعلى هذه النتائج التي تحدث من الزلزال تبقى فترة طويلة وبالتالي فإن علماء الزلازل بعد حدوث الزلزال وهدوء المنطقة يبدأون بعمل الدراسات والأبحاث العلمية حول أثر الزلزال على الكرة الأرضية وقد لا تلاحظ هذه الآثار الا بعد 50 أو 100 سنة.

المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 83