بيئتنا بيئتنا البوابة البيئية الرسمية لدولة الكويت

الربو

تدابير بيئية يمكن أن تجنب المريض أزماته الحادة

الربو .. أكثر ضحاياه في مناطق تلوث الهواء

أ. د. خليفة عبدالمقصود زايد - جامعة المنصورة - مصر

إن كلمة الربو Asthma مشتقة من المصطلح اليوناني الذي يعني لهاث، أي الشعور بضيق في التنفس مصحوب بسعال وخشخشة في الصدر، وهو مرض شائع نسبياً يصيب الناس من جميع الأعمار وفي جميع الدول. ويتصف هذا المرض بأعراض محددة وبتكرار حدوث هذه الأعراض على شكل نوبات حادة وخلال الفترة بين النوبات الحادة يكون المريض في حالة طبيعية أو شبه طبيعية في معظم الأحيان، والربو يتصف بزيادة استجابة القصبات الهوائية تجاه منبهات مختلفة ويظهر عبارة عن ضيق في المسارات الهوائية في الجسم.

أعراض المرض

- الإحساس بضيق في التنفس.

- سعال عادة جاف دون أن يصاحبه إفرازات.

- ضخامة الغشاء المخاطي للمسارات الهوائية.

- سماع صوت شخشخة في الصدر عند التنفس.

- الإفراط في إفرازات الغدد المخاطية.

- التهاب حاد في المسارات الهوائية وانسدادها بمخاط كثيف ولزج.

وتؤدي هذه التغيرات إلى انسداد في المسارات الهوائية بمخاط كثيف ولزج على اختلاف أحجامها مما يؤدي إلى اضطراب موضعي في التهوية وينتج من ذلك نقص أكسجة الدماء في الشرايين. وتحدث الأعراض السابقة بسبب ضيق مؤقت في الشعيبات الهوائية، وهي الأنابيب التي يمر من خلالها الهواء إلى الرئتين. والسبب في هذا الضيق هو انقباض العضلات الصغيرة الموجودة في جدران هذه الأنابيب الهوائية، وكذلك التورم والانتفاخ في الغشاء المخاطي المبطّن لهذه الأنابيب وزيادة الإفرازات الرئوية وتجمعها في هذه الأنابيب - كل هذه العوامل تؤدي إلى قلة الهواء الواصل للرئتين والشعور بضيق في التنفس.

انتشار المرض في المجتمعات البشرية

يعاني حوالي 10٪ من الناس من مرض الربو، والمرض موجود في كل مكان في العالم. فالمرض في سن الطفولة يصيب الذكور بمعدلات أكثر قليلاً عن الإناث، ولكن مع تقدم العمر يزداد عدد الإناث المصابة بالربو إلى أن تصبح النسبة تقريباً متساوية بين معدلات إصابة الذكور والإناث عند عمر الثلاثين عاماً، ومع تقدم العمر يصبح المرض أكثر انتشاراً بين النساء، وتكثر معدلات الإصابة بالمرض في المناطق ذات المعدلات المرتفعة في تلوث الهواء خاصة في المناطق الصناعية وتلك التي يكثر فيها الدخان والمواد الكيميائية المتطايرة كما في صناعة المواد الكيميائية المختلفة، كيماويات البناء الحديث ودهانات الحوائط، صناعة الإسبستوس، الصبغات المستخدمة، صناعة الملابس والمنسوجات، الغبار الناتج عن مصانع حليج الأقطان، المبيدات، كما تكثر معدلات ظهور نوبات المرض في فصل الربيع حيث تتفتح الأزهار وتنطلق منها حبوب اللقاح في الهواء مما يترتب عليه ظهور وزيادة تكرار معدلات النوبات الحادة للمرض عند بعض المصابين بالربو.

مسببات مرض الربو

الاستعداد الداخلي: يوجد لدى بعض المصابين بالمرض استعداد وراثي للإصابة وهذه تمثل نسبة 30 - 50٪ من المصابين بالمرض، ويظهر هذا الاستعداد خلال مراحل الطفولة المبكرة، وذلك في العائلات التي يوجد في تاريخها المرضي إصابة أحد أفرادها بمرض حساسية الأنف أو الربو. ومع ذلك لا يعد مرض الربو مرض وراثي بالمفهوم الدقيق ولكن لوحظت حالات متكررة في عائلات معينة وهي العائلات التي لديها استعداد وراثي أكبر لحدوث هذا المرض. وتنتج بعض حالات المرض من زيادة في حساسية الشعب الهوائية تجاه عامل معين موجود في البيئة المحيطة وهذا النوع من الربو يسمى بالربو الخارجي، بينما في بعض الحالات الأخرى لا يوجد سبب واضح لهذا المرض.

وأما عن أسباب حدوث الأزمات الحادة لدى مريض الربو فإنه يمكن تلخيصها فيما يلي:

1 - التعرض للمواد المهيّجة والتي تكون مصدر لحساسية المريض، وذلك إما عن طريق الاستنشاق أو الأكل أو الحقن.

2 - التعرض للمهيّجات العامة للشعب الهوائية مثل الدخان والغبار والروائح النفاذة وغير ذلك كرائحة البخور ودخان السجائر، السجاد أو الموكيت، الصوف وما يحتويه من أتربة وغبار كامن بداخله.

3 - التهاب الجهاز التنفسي العلوي خاصة الالتهابات الفيروسية والتي منها التهاب الحلق والزكام والتهاب الشعب الهوائية.

4 - استنشاق الهواء البارد الجاف.

5 - الانفعالات النفسية الشديدة مثل الفرح والحزن والخلافات بين الوالدين والغضب والخوف، حيث تتكرر حدوث هذه الأزمات الحادة بين طلاب المدارس في أوقات الامتحانات، وهذا العنصر النفسي يساعد في حدوث المرض.

6 - وجود حيوانات أليفة وتربية الطيور بالمنزل، كما هو متبع داخل بعض المنازل، كذلك بعض أنواع لعب الأطفال التي تساعد على تجميع وتراكم الأتربة بداخلها خاصة المصنوعة من الصوف والفرو، القيام بمجهود ورياضة عنيفة.

7 - الرشح المتكرر، الانفعالات، بعض أنواع دهانات المنزل وخاصة الإقامة بالمنزل أثناء إجراء دهانات للحوائط.

8 - استعمال المرطبات المبردة بشدة.

9 - حبوب اللقاح ونباتات الزينة والغازات.

وعلى العموم، فإن العوامل التالية باختصار تؤدي إلى إحداث تهيج في الشعيبات الهوائية: غبار الفراش والوسائد، دخان وأبخرة طهي الأطعمة، دخان السجائر، شعر ووبر الحيوانات كالقطط والكلاب والطيور، الطقس المتغير بشدة، غبار طلع الأشجار والأزهار، غبار المكانس، البرد الشديد، الروائح القوية.

أعراض مرض الربو

يتصف المرض بحدوث نوبات متكررة من شخشخة الصدر وإحساس بضيق التنفس وضيق في الصدر وسعال، وتحدث الهجمات الصدرية على شكل ضيق في التنفس وضغط في الصدر إما عفوياً أو تحت تأثير العوامل المهيّجة المختلفة من مسببات المرض، ويصاحب ذلك ازرقاق في اللون حول الشفتين بسبب نقص الأكسجين في الدم وذلك في حالة الربو الحاد.

الوقاية

يمكن الوقاية من الربو إذا أمكن تحديد وتلافي العوامل البيئية المسببة للمرض والتي تثير نوبات الربو مع الابتعاد عن التدخين. كما يجب ألا تقتصر فترة علاج المرض على أوقات النوبات أو خلال الإصابة بالسعال وضيق التنفس ولكن المعالجة الفعالة تكون لمدة أشهر وربما تصل لسنوات حسب حدة المرض. ويشمل علاج المرض استعمال التدابير الوقائية في البيئة والمنزل، استعمال أدوية الربو )الموسعة للشعيبات الهوائية وتلك الوقائية من المرض(، كما يمكن استعمال الأدوية التي ترخي عضلات الشعب الهوائية مثل الفينتولين Ventolin، أما الأدوية الوقائية فهي تمنع ارتعاش الشعيبات الهوائية وتصبح أقل تهيجاً للمواد الحساسة مثل علاج واستنشاق مركبات الكورتيزون مثل البيكوتايد Becotide والتي يجب استعمالها واستخدامها بانتظام.

تطورات المرض على المدى الطويل

عادة تقل أعراض المرض كلما تقدم المريض في السن، ويمكن أن تستمر الأعراض لفترة طويلة وقد تكون على فترات متقطعة أو قد تستمر طوال العمر، ولكن من المعروف أنه من الممكن السيطرة على المرض ليعيش المريض حياة طبيعية.

* أدوية الربو : تنقسم الأدوية المستخدمة في علاج الربو إلى قسمين أساسيين:

- الأدوية الوقائية : وهي الأدوية التي تقوم بوقاية المريض ومنع أو التقليل من حدوث أزمات حادة، ولذا يجب أن تستعمل هذه الأدوية بانتظام حتى ولو كان المريض لا يشكو من أعراض، وغالباً ما تكون هذه الأدوية على شكل بخاخات.

- الأدوية الموسعة للشعب الهوائية : وهذه الأدوية تستخدم عند حدوث الأزمات الحادة وهي غالباًَ ما تكون بخاخات. وعموماً من المستحسن أن يكون العلاج على شكل بخاخات، لأن العلاج في هذه الحالة يتركز مباشرة في الشعيبات الهوائية ولذلك فإن جرعة العلاج المستخدم عن طريق البخاخة تكون أقل بكثير من جرعة العلاج نفسها إذا ما تم استخدامها على شكل حبوب أو شراب أو حقن.

- مراجعة المريض للطبيب : يتم ذلك عند الزيارات الدورية المحددة من قبل الطبيب المعالج، عند تكرار حدوث الأزمات، عند عدم استجابة الأزمة الحادة للأدوية التي وصفها الطبيب عند الضرورة، عند حدوث الأزمات الحادة جداً.

الإرشادات الهامة لمريض الربو

- لا تستعمل أدوية موصوفة لمريض آخر يعاني من أعراض تشبه أعراض المريض، فإن الأعراض المتشابهة تنتج من أمراض مختلفة وكذلك فإن استجابة المريض للأدوية تختلف من مريض لآخر بسبب اختلافات في التراكيب الوراثية لكل منهم، وأيضاً بسبب اختلافات في كفاءة جهاز المناعة من مريض لآخر، فالعلاج الذي يكون مفيداً لبعض المرضى قد يكون عديم الفائدة أو ضاراً للآخرين.

- إفادة الطبيب عن الأدوية التي يستعملها المريض ولا تتعلق بالربو.

- إفادة الطبيب المعالج لأمراض أخرى بحالة الربو التي يعاني منها المريض.

- لا يجب أن يتوقف المريض عن استخدام الأدوية إلا بعد استشارة الطبيب حتى وإن كان لا يشعر المريض بالأعراض.

- الامتناع عن التدخين إذا كان المريض من المدخنين، وألا يخالط المدخنين ولا يسمح بالتدخين في منزله.

- يمكن للمريض أن يعيش حياة طبيعية تماماً إذا التزم بإرشادات الطبيب وتناول الأدوية بانتظام.

تأثير تلوث الجو بالأتربة على حساسية مرضى الربو

تنتج الأمراض الرئوية من التعرض للأغبرة دقيقة الحجم، وهي التي تعرف بالحساسية، وهي نوعان: الأولى تنتج من تنفس الأغبرة الترابية المعدنية، والثانية من التعرض للأغبرة الحيوانية والنباتية، وعندما يتنفس الإنسان فإن الهواء يدخل خلال الفجوات الأنفية ثم البلعوم والقصبة الهوائية والشعيبات الرئوية إلى الرئتين. إن معظم الحبيبات الخشنة من الأغبرة يتم حجزها عن طريق شعيرات الأنف، أما الحبيبات الناعمة من الغبار يتم حجزها من قبل خلايا مخاطية مغطاة بطبقات رقيقة من الشعر في القصبة الهوائية والرئتين، حيث توجد أيضاً خلايا لمفية مكونة من جدران دقيقة وشعيرات دموية تقوم بهضم وطرد الجزئيات الدقيقة من الغبار.

وبذلك فإنه يمكن القول إن للإنسان علاقة وثيقة بالبيئة، وحيث إنه يؤثر فيها فإنه أيضاً يتأثر بها. فسلامة وصحة الإنسان تتوقف على سلامة المحيط البيئي الذي يعيش فيه، فالبيئة السليمة تعبر عن تقدم وتحضر البلدان والدول، فمرض الربو يعد من الأمراض المرتبطة ارتباطاً مباشراً بالظروف البيئية المحيطة بالمريض، فالربو مرض بيئي يميز عنصر الصناعة الذي يعيش فيه العالم اليوم، ومن أهم مسبباته تلوث الهواء والدخان والغبار، فهو يصيب الرئتين ويجعل التنفس أكثر صعوبة، فالهواء الذي نتنفسه يحتوي على جزيئات صغيرة جداً من الغبار وغبار الطلع خصوصاً في موسم تلقيح النباتات، واستنشاق هذه الجزيئات يؤثر في المصابين بالربو، فيسبب لهم هيجاناً في مسارات الهواء فتصبح رئاتهم أكثر حساسية من رئات الأشخاص الأصحاء فتلتهب مسارات الهواء لديهم وتحمر وتتورم وتضيق.

ومع ذلك يستطيع مريض الربو أن يحيى حياة طبيعية تماماً ويمارس كافة أنشطته الحياتية باتباع تعليمات الطبيب المعالج والمحافظة على تناول العلاج في أوقاته مع تجنب كل المسببات والمؤثرات التي تحدث هيجاناً في المسارات والشعيبات الهوائية، ويمكن علاج الربو بالأعشاب وذلك عن طريق تناول بذور كتان مطحونة قدر فنجان، ٢ فنجان عرقسوس في عسل نحل مع سمن بلدي وتؤخذ ملعقة صغيرة على الريق يومياً.

التدابير البيئية التي تجنب المريض الأزمات الحادة وتخفف من نوبات الربو عند الأطفال

* يجب مراعاة المحافظة على نظافة المنزل وتجنب خلوه من الفطريات قدر الإمكان، وذلك بتنظيف الحمامات بانتظام بمحاليل مطهرة ومضادة للتعفن مع التأكد من فعالية أجهزة الصرف ومنع الرطوبة في الحمامات والمطابخ والتي تساعد على نمو الفطريات.

* تجنب تربية الحيوانات الأليفة والطيور داخل المنازل خاصة التي تعيش مع الأطفال في المنزل مثل القطط والكلاب والأرانب والحمام والدواجن وغيرها من الطيور، كما يجب مراعاة منع تلامس الأطفال المباشر معها.

* عدم التدخين داخل المنزل خاصة في حالة وجود أطفال.

* تجنب استعمال المدفأة التي توقد بالأخشاب أو بالفحم في فصل الشتاء لما ينبعث عنها من أدخنة ضارة بالتنفس وبالشعيبات الهوائية.

* تجنب الأطفال ركوب وسائل المواصلات التي يوجد بها مدخنين.

* تجنب التعرض للمواد التي تحدث حساسية للمريض مع تجنب التعرض لمهيّجات الشعب الهوائية مثل الدخان والأتربة والغبار والروائح القوية.

* تجنب الإصابة بالزكام والتهابات الجهاز التنفسي العلوي وتجنب مخالطة المصابين بنزلات البرد.

* المواظبة على استخدام الأدوية بانتظام.

* إحاطة المريض للطبيب بالأدوية التي تسبب حساسية لديه.

* اتخاذ كافة الاحتياطات والتدابير الصحية التي من شأنها تقليل الغبار في الغرفة التي يقضي فيها الطفل معظم أوقاته وذلك بالطرق التالية:

- يفضل استخدام مفارش بلاستيك للأرضيات بدلاً من السجاد أو الموكيت.

- ضرورة غسيل السجاد والموكيت كل فترة بالماء ومحلول منظف ومعقم للتخلص من الأتربة والحشرات التي ربما يحتويها مع مراعاة تنظيفه جيداً يومياً بالمكنسة الكهربائية وتهويته وتشميسه من حين لآخر.

- مراعاة تنظيف فلتر الهواء في المكيف العادي يومياً، وإذا كان التكييف مركزياً فيجب تغطية مصدر الهواء بقطع من القماش الناعم مع مراعاة غسله مرتين في الأسبوع، وبصفة عامة فإن الوقاية خير من العلاج.

- استعمال أغطية النوم من القطن وأكياس قطنية للوسائد.

- تجنب استعمال لعب الأطفال التي قد تكون مصدراً لتجميع الغبار والأتربة كتلك التي يدخل في محتواها الصوف والفرو كالدببة.

المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 86