بيئتنا بيئتنا البوابة البيئية الرسمية لدولة الكويت

المخلفات الفضائية

المخلفات الفضائية

 

بقايا الأقمار الصناعية السابحة في مدارات حول الكواكب

 

المخلفات الفضائية : 5.5 مليون كيلو جرام حول الأرض

 

 

 

 

أمل جاسم

 

المخلفات الفضائية ( Space debris أو Space junk ) هي مجموعة من النفايات الناتجة من مخترعات الإنسان ومن بقايا الأقمار الصناعية السابحة في مدارات حول كواكب النظام الشمسي، منها مازالت مخلفاته تسبح حول مدار الأرض، هذه المخلفات تشمل أي شيء لم يعد له حاجة في الفضاء كقمر صناعي «عطلان» أو أجزاء من الصواريخ الفضائية، وقد تكون هذه المخلفات صغيرة الحجم مثل قشرة من الأصباغ التي تطلى بها المركبات الفضائية.

أسوأ الحوادث المتعلقة بدخول المخلفات الفضائية للمجال الجوي حدث في يوليو 1979م وذلك عندما دخلت المحطة الأمريكية سـكاي لاب( Skylab ) المجال الجوي للأرض قبل الموعد المحدد لها، وقد سقطت أجزاء المحطة التي تزن 78 طنا على أجزاء متفرقة من استراليا.

اهتمت العديد من المؤسسات التي تعنى بالفضاء كالإدارة الوطنية للملاحة الففضائية والفضاء «ناسا» بالمخلفات الفضائية، وذلك لقدرة هذه الفضلات بالتسبب بأضرار كبيرة في هيكل المركبات الفضائية والأقمار الصناعية، حيث إن معظم هذه الفضلات تسير بسرعة 8كم/ثانية أي ما يقارب 28800كم/ ساعة، وبهذه السرعة يمكن لهذه الفضلات حتى الصغيرة الحجم منها اختراق هيكل المركبات الفضائية مما يسبب خطرا على حياة رواد الفضاء.

ويقدر أن هناك ما يقارب 5.5 مليون كجم من المخلفات بمدار الأرض، منها حوالي مليون جسم أكبر من ملم واحد، 300000 جسم أكبر من سنتيمتر واحد و13000 جسم أكبر من كرة التنس. كما تتوقع ناسا زيادة عدد الأجسام الفضائية في مدار الأرض المنخفض بواقع 75 % خلال 200 سنة قادمة في حال عدم اتباع إجراءات التقليل من المخلفات الفضائية.

جسم من المخلفات بحجم كرة التنس يسير بسرعة 28800كم/ساعة يحمل قدرة تفجيرية توازي 25 عصا من الديناميت، ولجسم بحجم حبة البازلاء يسير بنفس السرعة قوة اصطدام تعادل جسم وزنه 181 كجم يسير بسرعة 100كم/ساعة.

 

تاريخ المخلفات الفضائية

بدأ عصر الفضاء في عام 1957م، حيث تم إطلاق 4600 مركبة فضائية لوضع 6000 قمر صناعي في المدار المخصص لـه، وأقـــــدم هذه الأقمار هو القمر فانقارد ( Vanguard ) والذي أطلق عام 1958م، وهو يعتبر من أقدم المخلفات الفضائية حيث لازال في مداره حول الأرض، وتشكل هذه الأقمار نسبة بسيطة من المخلفات مقارنة بالمخلفات الأخرى كقشر الأصباغ وخزانات الوقود، كما تعتبر التصادمات بين الأقمار الفضائية مصدرا آخر للمخلفات.

حذر دونالد كسلر في تقرير لوكالة ناسا الفضائية من خطر التصادم المتسلسل للأقمار الصناعية، حيث إن المخلفات الناتجة عن تصادم جسمين فضائيين ستؤدي إلى تصادم أعداد أكبر من الأجسام الفضائية.

في 10 فبراير 2009م اصطدم قمران صناعيان أحدهما أمريكي «إيريديوم 33» والآخر روسي «كوسموس»، ونتج عن هذا التصادم ما بين 500-600 جسم لا يتعدى حجم بعضها 10 سم.

قامت وكالة ناسا الفضائية بقياس احتمالات حدوث حادث خطير لإطلاق المكوك الفضائي، فوجدت أن هناك احتمال وقوع حادث خطير لكل 318 عملية إطلاق مكوكية، ويعتقد أن بعض هذه المخلفات الناتجة عن الاصطدام قد تبقى في مدار الأرض لمدة 10000 عام.

من أهم الحوادث التي أدت لتكوين العديد من المخلفات عندما اختبرت جمهورية الصين الشعبية صواريخ مضادة للأقمار الصناعية وذلك في 11 يناير 2007م، حيث تم إطلاق صاروخ يعمل بالوقود الصلب من قاعدة زيجانق ليصيب أحد الأقمار الصناعية الصينية، الذي كان يدور في مدار قطبي وهو متخصص في الأرصاد الجوية. ويذكر أن الصاروخ المضاد للأقمار الصناعية لم يكن مجهزا برأس متفجر بل قام بتدمير القمر عن طريق الاصطدام فقط، ومع هذا فقد نتج عن الانفجار ما بين 2300 – 2500 جسم «أصغرها بحجم كرة التنس»، ويعتبر هذا الاصطدام الحدث الأكبر في تكوين المخلفات الفضائية.

في يونيو عام 2007م وبسبب كم المخلفات الناتج عن التجربة الصينية تم تغيير مسار القمر الصناعي المركبة الفضائية تيرا المتخصصة في دراسة المناخ وذلك لتجنب الاصطدام المحتمل بهذه المخلفات، وهي المرة الأولى التي تضطر فيها ناسا لتغيير مسار مركبة أو قمر صناعي.

في الفترة بين عامي 1968 و 1986م قامت كل من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي أثناء الحرب الباردة بتجربة أكثر من 20 صاروخا مضادا للأقمار الصناعية. يكمن الاختلاف بين التجربة الصينية والتجارب الأمريكية والسوفيتية أن الأقمار في التجربة الأخيرة كانت في مدار منخفض والمخلفات الناتجة عن الانفجار احترقت في الغلاف الجوي للأرض، بينما في التجربة الصينية تم الانفجار على ارتفاع 550 عن سطح الأرض، والمخلفات التي نتجت انتشرت بين 200 كم و 3850 كم مما يؤثر على غالبية الأقمار الموجودة في مدار الأرض المنخفض.

تعتبر التجربة الصينية الحدث الأكبر في تكوين المخلفات، ولكن الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي السابق هما المسببان الأكبر للمخلفات الفضائية على مدى 50 عاما منذ التجربة الفضائية الأولى.

في عام 2004م أصدرت وكالة ناسا الفضائية تقريرا يحدد مقدار المخلفات الفضائية في مدار الأرض الناتج عن الرحلات الفضائية لكل دولة، والجدول التالي يوضح ذلك:

في 12 مارس 2009م، تم إخلاء محطة الفضاء الدولية بسبب اقتراب جسم فضائي بصورة خطرة من المحطة، ويقدر طول الجسم بثلث بوصة. و لأن لهذا الجسم قدرة تخريبية كبيرة من الممكن أن تقدر بـ 100 بليون دولار، ونتيجة لتأخر إبلاغ رواد المحطة بالجسم لم يستطيعوا المناورة حول الجسم مما اضطرهم إلى إخلاء المحطة واللجوء إلى كبسولة الإنقاذ سويوز، وذلك لحمايتهم من انخفاض الضغط الحاد في حال وقوع اصطدام.

سقط جزء من حطام قمر صناعي روسي كان يستخدم لأغراض تجسسية قرب طائرة الإيرباص E340 التابعة لخطوط لان الجوية «LAN Airlines» في رحلتها من سانتياغو تشيلي إلى أوكلاند نيوزيلندا وعلى متنها 270 راكبا خلال طيرانها عبر المحيط الهادي وذلك في 22 مارس 2007م.

 

كيف يتم رصد المخلفات الفضائية؟

في عام 1999م قدمت لجنة استخدام الفضاء الخارجي في الأغراض السلمية التابعة للأمم المتحدة تقريرا يبين الطرق المتبعة لرصد المخلفات الفضائية، وهي كالتالي:

-1 الرصد بواسطة الأجهزة الأرضية: وذلك إما بواسطة الرادارات التي لها القدرة على رؤية الأجسام الفضائية والتي تنتشر في عدة دول مثل ألمانيا «ردارات» واليابان «3 ردارات» وروسيا وأوكرانيا )ردار واحد( والولايات المتحدة الأمريكية «5 ردارات»، ويعتبر ردار غولدستون التابع لوكالة ناسا أدق هذه الرادارات حيث له القدرة على رؤية جسم قطره 2 ملم على ارتفاع 500 كم. كما يمكن الرصد باستخدام التليسكوب «المقراب»، حيث يمكن رؤية الأجسام الفضائية عندما تعكس أشعة الشمس أثناء الليل.

-2 الرصد بواسطة مركبات فضائية: ويتم ذلك عن طريق فحص بدن المركبات العائدة إلى الأرض وتقدير عدد المخلفات تباعا، ويحسب ذلك على أساس المدة التي قضتها المركبة في الفضاء ومساحة السطح المعرض للاصطدام بالمخلفات الفضائية. كما يتم الرصد عن طريق إرسال أقمار صناعية خصيصا لرصد الأجسام الفضائية حيث يتم رصدها عن طريق الأشعة دون الحمراء.

سجلت إصابة واحدة بسبب المخلفات الفضائية حيث أصيبت لوتي ويليامس في كتفها بجسم قياسه 10X13 سنتيمتر في عام 1997م. وقد تحدد مصدر الجسم بأنه أحد أجزاء خزان الوقود للمركبة دلتا -2 والتي أطلقتها القوات الجوية الأمريكية عام 1996م.

 

الحد من المخلفات الفضائية

أول وكالة فضاء تقوم بإصدار تقرير يتضمن قواعد للحد من المخلفات الفضائية هي وكالة ناسا وذلك في عام 1995م. وفي عام 1997م أصدرت حكومة الولايات المتحدة الأمريكية مذكرة بقواعد ممارسات التخفيف من المخلفات الفضائية وذلك اعتمادا على تقرير ناسا.

في عام 2007م قدمت لجنة استخدام الفضاء الخارجي في الأغراض السلمية التابعة للأمم المتحدة مجموعة من التوصيات المتعلقة بالمخلفات الفضائية تركز على الحد من الحطام المنبعث من العمليات العادية، وتقليل تكون الشظايا أثناء الأطوار التشغيلية للمركبات الفضائية، والحد من احتمال الاصطدام العرضي في المدار، وتفادي التدمير المتعمد وسائر الأنشطة الضارة، وأخيرا الحد من التواجد طويل الأمد للمركبات غير المستخدمة.

في 10 فبراير 2009م أطلقت وكالة الفضاء الأوروبية برنامجا لدراسة المخلفات الفضائية ووضع قواعد لتقليل ومنع حدوث تصادمات للأقمار الصناعية والمركبات الفضائية في مدارات الأرض، وذلك بتكلفة 50 مليون يورو.

أفاد فرناند ألبي المسئول عن ملف المخلفات الفضائية في المركز الوطني الفرنسي وذلك في المؤتمر الدولي الذي عقد في مدينة تولوز الفرنسية عام 2008 بأن «في كل رحلة فضائية تجد الناسا «وكالة الفضاء الأمريكية» نفسها مضطرة إلى تغيير هيكل مركبتها بسبب تعرضها لإصابات بشظايا تركها الإنسان في الفضاء، رغم أن هذه الهياكل متينة ومدرعة».

تشير إحدى الدراسات الحالية بخصوص المخلفات الفضائية إلى إمكانية إرسال قمر صناعي تكون مهمته إدخال المخلفات الفضائية إلى المجال الجوي للأرض، حيث يتم التخلص من الجسم الفضائي بواسطة احتراقه نتيجة شدة الاحتكاك بالمجال الجوي. تبنى هذه النظرية على إبطاء سرعة الجسم الفضائي باستخدام وسائل الربط الكهروديناميكي.

أيضا تتم دراسة طرق التخلص من المخلفات الفضائية باستعمال أشعة الليزر أو وضع مصدات تعمل على تغيير مسار الأجسام الفضائية غير المرغوب فيها بحيث تدخل المجال الجوي للأرض.

 

 

 

المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 122